|

مات أحمد... دون زوجة وبلا ولد   

الكاتب : الحدث 2021-07-04 01:39:38

بقلم ✍🏻 / سالم جيلان 


يعيش الإنسان ماكتب الله له أن يبقى في هذه الحياة الدنيا فيخوض غمارها مستأنسًا بالفرح ومستبشرًا بالمرح والسرور ومتقبلًا للألم ومتعايشًا مع الأحزان والحسرات... قصتنا هنا عن ذلك الرجل *"أحمد"* رحمه الله.. والذي عاش قرابة الستين عامًا دون أن يتزوج وبالتالي فلا ولد ولا بنت له؛ السر في بقائه طوال تلك السنين دون ارتباطٍ بزوجة وكيف قضى عمره؟ وماذا كان يعمل؟! كل ذلك سوف نسرده في هذا المقال القصصي باختصار.

عرفت "أحمد" عن قرب بحكم القرابة الأسرية في طفولتي وهو شاب ثلاثيني آنذاك ولكنه غير متزوج حيث يعيش مع والديه وبقية أسرته فكنت أشاهده يعيش حياة العزاب وسط عائلته فيثير استغرابي وفضولي كطفل!!! كبرت شيئًا فشيئًا وتدرجت في مراحل التعليم وأنا أشاهد "أحمد" يعيش بذات الوتيرة مع تقدمه في العمر واقتربت منه أكثر وسألته عن سبب عزوفه عن الزواج على الرغم من قدرته المالية آنذاك ووجود مصادر دخل وتعدد أعماله فلم أجد منه إجابةً شافية مما زاد شغفي لمعرفة أسباب ذلك العزوف عن الزواج أسوةً بأقرانه ومن يصغرونه سنًا والذين تزوجوا وشاهدت الكثير منهم يتزوجون وهو باقٍ على حاله.

كان يعمل في عدة مهن وحِرف منها البناء وصيانة الدراجات النارية وبيع قطع غيارها "التشليح" بالإضافة للعمل في المشاوير الخاصة على دراجته النارية والتي يعتني بها كثيرًا كونه خبير بهذا النوع من وسائل النقل.

شهدت معه العديد من المواقف في حياته والتي تظهر من خلالها حنكته وخبرته في كسب الزبائن وطرق إقناعه لهم لدرجة أنه يبيع قطع الغيار القديمة بأسعار ثابتة بل ويقوم بنفسه بتركيبها ومنح الضمانات اللازمة لتشغيلها مما يجعل الزبائن يعودون مرات ومرات ويدلون آخرين كذلك للشراء منه في وقتٍ سابق لا توجد به جوالات ولا وسائل تواصل.

أمضى "أحمد" رحمه الله تعالى سنوات طويلة في هذه المجالات العملية المتنوعة ولعل مهنة البناء هي الأكثر ملازمة له فقد ذهب للقطاع الجبلي وظل لسنوات يمارس هذه المهنة هناك حيث بدأ عاملًا ثم أصبح معلم بناء يكسب الكثير من المال.

قصص وحكايات "أحمد" المهنية كثيرة وطويلة وكم كنت أستمتع بسماعها منه ونجالسه في مساء كل أربعاء وخميس أو عصر الجمعة في تلك الفترة الماضية أنا وأخي وبعض أقاربنا في مجلسه المعتاد ونستأنس بطبخه الرائع للكبسة ثم بالشاي الذي يقوم بإعداده ويحكي لنا حكايات وقصص كثيرة عن مقاولاته وتجارة التجزئة في قطع الغيار.

تعرض رحمه الله لمواقف عصيبة وأزمات شديدة في فترات متفاوتة وتغيرت حياته وساءت ظروفه المادية وقضى سنوات مريرة وعصفت به الحياة وتاه في دروبها غير أنه وجد تعاطفًا كبيرًا لدى شريحة مهمة وظهر في حياته أقارب وأصدقاء تفاوتت مواقفهم بين المحسن والمسيء.... ستكون لنا وقفة مع هذا الجانب من حياته وسبب عزوفه عن الزواج في تكملة القصة من خلال المقال القادم بعون الله.... للحكاية بقية.